شبكة قدس الإخبارية

مطلب إسرائيلي تعجيزي جديد نُقل إلى لبنان.. ماذا تضمن وكيف ردّ الأخير عليه؟ 

Screenshot 2025-11-10 172711

متابعة قدس: أفادت وكالة "رويترز" اليوم الإثنين أن حكومة الاحتلال تمارس ضغطاً متصاعداً على الجيش اللبناني لتنفيذ إجراءات أشد صرامة في إطار جهود نزع سلاح حزب الله، من بينها عمليات تفتيش داخل منازل في جنوب لبنان بحثاً عن أسلحة. الطلبات الإسرائيلية التي تصاعدت في الأسابيع الأخيرة قوبلت برفض قيادات الجيش اللبناني العليا التي تخشى أن تؤدي مثل هذه الخطوات إلى "إشعال صراع داخلي" وتقويض استراتيجية نزع السلاح التي تعتبرها المؤسسة العسكرية اللبنانية "مدروسة وفعالة".

في غضون ذلك استمر جيش الاحتلال الليلة وصباح اليوم في تنفيذ غارات وهجمات على أهداف في جنوب لبنان. تقارير لبنانية تحدثت عن تفجير مبانٍ في قرية حولا، وعن استهداف مركبة على الطريق بين صيدا وصور بمنطقة البسارية بطائرة مسيّرة إسرائيلية، ما أدى لاستشهاد لبناني. وسُجل لاحقاً استهداف بطائرة مسيّرة قرب قرية الحُميري من دون أن يسفر عن إصابات، تلاها ضربات واسعة في مناطق البقاع ومدينة الهرمل شرق لبنان وأيضاً في منطقة الجرمق.

مصادر لبنانية مطلعة قالت لـ"رويترز" إن الجيش يعتقد بأنه قادر على إعلان جنوب البلاد خالياً من أسلحة حزب الله قبل نهاية عام 2025 وفق بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وأن عمليات المسح في الوديان والغابات كشفت عن أكثر من خمسين نفقاً وصادرت أكثر من خمسين صاروخاً موجهًا ومئات الأسلحة الأخرى. لكن المصادر الأمنية اللبنانية أكدت أن خطة الجيش لم تتضمن على الإطلاق عمليات تفتيش داخل الممتلكات الخاصة، فيما تشكك "إسرائيل" في إمكانية نجاح جهود نزع السلاح من دون اللجوء إلى تلك الخطوات.

وبحسب المصادر نفسها، طالبت "إسرائيل" بتنفيذ هذه المداهمات خلال اجتماعات عقدت في أكتوبر في إطار ما يعرف بـ"الآلية" وهي لجنة برئاسة الولايات المتحدة يشارك فيها ضباط لبنانيون وإسرائيليون لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار. بعد ذلك شددت "إسرائيل" من وتيرة عملياتها البرية والجوية في الجنوب، قائلة إنها تعمل لدرء محاولات حزب الله لإعادة التسلح. هذه الضربات اعتُبرت لدى مصادر الجيش اللبناني بمثابة "تحذير واضح" من أن عدم تنفيذ تفتيشات في المنازل والمرافق الخاصة قد يفتح الباب أمام عملية عسكرية إسرائيلية شاملة أخرى.

وقال مصدر لبناني: "يطالبوننا بالتفتيش من بيت لبيت، ولن نفعل ذلك. لن نعمل وفق طريقتهم". وهنا تتقاطع حسابات حساسة: الجيش اللبناني يرفض ما يخشى أن يراه الأهالي في الجنوب "خضوعاً لإسرائيل"، إذ إن ذاكرة احتلال دام قرابة عقدين حتى سنة 2000 لا تزال حاضرة، فضلاً عن عودة الاحتلال إلى مناطق في الجنوب العام الماضي. بيروت تخشى من أن استمرار تغيير المطالب الإسرائيلية يخلق "مخاطر دائمة للتصعيد" ويقوض أي محاولة لتثبيت الاستقرار في بلد يئن من أزمات جيوسياسية واقتصادية عميقة.

واعتبرت "رويترز" أنه رغم تراجع قوة حزب الله بشكل كبير نتيجة العدوان الإسرائيلي، إلا أنه لا يزال يتمتع بنفوذ واسع داخل الطائفة الشيعية وفي هياكل السلطة الهشة في لبنان القائمة على المحاصصة الطائفية. وقد رفض الحزب مراراً التفكك الكامل من السلاح، وفي بيان علني هذا الأسبوع أكد أن لديه الحق في الدفاع عن لبنان ضد تهديدات الاحتلال. من جانبه، قال ضابط في جيش الاحتلال لـ"رويترز" إن الحزب "يسعى للبقاء قوة مهيمنة داخل لبنان".

ورفض كل من الجيش اللبناني ومكتب رئيس حكومة الاحتلال التعليق على ما ورد في تقرير "رويترز". لكن بنيامين نتنياهو قال في الثاني من نوفمبر: "نتوقع أن تقوم حكومة لبنان بما التزمت به – نزع سلاح حزب الله – لكن من الواضح أننا سنمارس حقنا في الدفاع عن النفس كما ورد في شروط وقف إطلاق النار. لن نسمح لأن تتحول لبنان مرة أخرى إلى جبهة ضدنا، وسنتصرف حسب الحاجة".

أما الرئيس اللبناني جوزيف عون فقال إن "مهمة جيشنا حاسمة في هذه الظروف هي توسيع سلطة الدولة على كامل أراضيها وحدودها وفرض سيادة كاملة حتى تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على أرضنا وتنسحب إسرائيل من النقاط التي تحتلها داخل لبنان". وأضاف أن ذلك يجب أن يقترن بعملية تفاوضية نراها الطريق الوحيد لتحقيق الأهداف الوطنية والمصلحة العليا للبنان.

الأوساط اللبنانية تشكك في نوايا الاحتلال وتخشى أن تكون مطالب التفتيش المنزلي خطوة أولى ستتبعها شروط جديدة تعيد تشكيل المشهد الأمني. في المقابل، تواصل واشنطن الضغط على بيروت "لفتح قنوات سياسية مع إسرائيل بهدف الوصول إلى وقف نار دائم وحل النزاع الحدودي"، وفق ما قاله المبعوث الأمريكي توماس بارك خلال مؤتمر أمني في البحرين. ومع أن الرئيس عون أبدى "استعداداً للحوار" دون تحديد ما إذا كان يقبل باتصالات مباشرة، فإن حزب الله رفض أي مفاوضات قد تمس سلاحه، فيما تبقى موازين القوة والمخاوف من تصعيد واسع ترسم ملامح المرحلة المقبلة على ضفتي الحدود.